السبت، 5 مارس 2011

جبران خليل جبران الذاكرة التي لا تغيب

جبران خليل جبران الذاكرة التي لا تغيب ""


"أنا حى مثلكم وأنا الآن إلى جانبكم. أغمضوا عيونكم، انظروا حولكم، وسترونى...".. كانت هذه الجملة مكتوبة على قبر الشاعر الكبير جبران خليل جبران، وبالفعل ظلت عالقة فى أذهان الجميع ومازلنا نتذكر هذا الشاعر رغم مرور 128 عاماً على ميلاده، وها نحن نحتفل اليوم السادس من يناير بذكرى ميلاده.

كانت أشعاره دوماً تجمع ما بين اتجاهين أحدهما يأخذ بالقوة ويثور على العقائد والدين، والآخر يتتبع الميول ويحب الاستمتاع بالحياة، كما كان لشخصيته تأثير كبير فى أشعاره.
جبران الذى نشر أول أعماله الشعرية "دمعة وابتسامة" عام 1914 كان أحد رواد أسلوب القصيدة المنثورة فى الكتابة، الأسلوب غير المعروف فى الأدب العربى، ومن أبرز أعماله الشعرية باللغة العربية الأرواح المتمردة 1908، الأجنحة المتكسرة 1912، العواصف.. المواكب 1918، البدائع والطرائف، عرائس المروج.

أما عن أول أعماله باللغة الإنجليزية فكان ديوان "النبى"، والذى يضم 26 قصيدة شعرية أول أعماله بالإنجليزية، ثم تتابعت أعماله بالإنجليزية بعد ذلك كالتالى: المجنون 1918، السابق 1920، رمل وزبد 1926، يسوع ابن الإنسان 1928، حديقة النبى 1933، آلهة الأرض 1931، الإعلام للزركلى، والتائه 1932.

"النبى" كانت أروع قصائد ديوان جبران، فنجده يحث على التفاؤل والأمل، وبطريقة شاعرية، وأسلوب سلس، يقدم لنا جبران فيه برسالة روحية تدعونا إلى تفتح الذات و"إلى ظمأ أعمق للحياة"، كما أنه باع أكثر من 9 ملايين نسخة خلال عام 1996 فى الولايات المتحدة الأمريكية.

شخصية جبران كانت من الشخصيات دائمة الشك، وكان طموحاً، ومثالياً، وكان يعتقد أنه يستطيع إعادة تكوين العالم، وسعى إلى إقناع الآخرين بأفكاره ونظرياته حول الفن، والطبيعة، وكان جبران قلقاً، وكثير التدخين، وقارئاً نهماً، وقد أعاد قراءة "جيد" و"ريلكه" و"تولوستوى" و"نيتشه"، وكتب نصوصاً بالعربية وصفها المحيطون به بأنها "حزينة ووعظية".

كان عام 1916 عاماً فاصلاً فى حياة جبران خليل جبران، حيث التقى بـالشاعر الهندى "رابندراناته طاغور"، والفائز بجائزة نوبل فى الآداب لعام 1913، وكتب جبران عن طاغور قائلاً: "حسن المنظر وجميل المعشر، لكن صوته مخيِّب يفتقر إلى القوة ولا يتوافق مع إلقاء قصائده...".

جبران خليل جبران الفيلسوف والأديب والشاعر والرسام ولد فى أسرة صغيرة فقيرة فى بلدة بشرى بلبنان عام 1883، وكان والده خليل جبران الزوج الثالث لوالدته كاملة رحمة التى كان لها ابن اسمه بطرس من زواج سابق ثم أنجبت جبران وشقيقتيه مريانا وسلطانة، كما كان والده يعمل راعياً للماشية ويمضى أوقاته فى الشرب ولعب الورق، ولم يكن شخصاً محبوباً، لطالما عانى جبران من إغاظته وعدم تفهمه، فى المقابل كانت والدته كاملة رحمة من عائلة محترمة وذات خلفية دينية، واستطاعت أن تعتنى بجبران ماديا ومعنويا وعاطفيا.

لم يذهب جبران إلى المدرسة، كبقية الأطفال، لأن والده لم يعط لهذا الأمر أهمية، ولذلك كان يذهب من حين إلى آخر إلى كاهن البلدة الذى سرعان ما أدرك جديته وذكاءه فأنفق الساعات فى تعليمه الأبجدية والقراءة والكتابة، مما فتح أمامه مجال المطالعة والتعرف على التاريخ والعلوم والآداب، كما علمته أمه أيضاً الرسم والموسيقى.

كانت لوالدته بصمات عميقة فى شخصيته، ولم يفته أن يشيد بها فى ديوان "الأجنحة المتكسرة"، حيث قال: "إن أعذب ما تحدثه الشفاه البشرية هو لفظة "الأم".. وأجمل مناداة هى "يا أمى".

ولما كانت بلدته تحت الحكم العثمانى، فقام العثمانيون بإلقاء القبض على والده وأودعوه السجن بسبب سوء إدارته للضرائب، وجرد من كل ثرواته وباعوا منزلهم الوحيد، فاضطرت العائلة الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ثم عاد بعد فترة إلى لبنان لمتابعة دراسته ومن أجل إتقان اللغة العربية، وعاد مرة أخرى للولايات المتحدة بعد أن أنهى دراسته.

أحب جبران مرة واحدة فى حياته فتاة تدعى "مارى هاسكل"، وقد لعبت دورا هاما فى حياته منذ أن التقيا، فقد شجعته على الكتابة باللغة الإنجليزية ودفعته كثيراً فى عمله، وعرض عليها الزواج، لكنها رفضت بحجة أنها تكبره بعشر سنوات، وكتب لها فيما بعد أنها جرحته بهذا الرفض، وقررت "مارى" أن تتراجع وتقبل، ثم عادت فرفضت مرة أخرى بسبب علاقاته المتعددة مع النساء.

توفى جبران فى عام 1931 وهو فى الثامنة والأربعين بعد إصابته بمرض السرطان، فنقل بعد ثلاثة أيام إلى مثواه الأخير فى مقبرة "مونت بنيديكت" ثم نقل جثمانه إلى مسقط رأسه فى لبنان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق